الهستريا
Hysteria
Hysteria
يعود لفظ الهستيريا إلي الأصل اليوناني Uterus والتي تعني رحم المرأة , حيث كان يعتقد الفيلسوف اليوناني هيبوقراط إلي أن الهستيريا مرض يصيب النساء وينتج عن بعض الصعوبات الجنسية والرغبة في إنجاب أطفال , وقد ثبت خطأ هذه التسمية في الأوساط العلمية , لأن مرض الهستيريا يظهر عند الرجال أيضاً وليس له علاقة بالرحم , كما تظهر الوثائق المصرية الطبية نشأة مرض الهستيريا , حيث أن أقدم ما كتب في مخطوطات البردي عن هذا المرض (بردية كاهونKahun) نسبة إلي المدينة المصرية التي اكتشف فيها هذا البردي , حيث يعود تاريخها إلي عام 1900 ق.م , وقد وصف مرض الهستيريا بمرض الرحم , كما ذكرت الأعراض الهستيرية في أكبر موسوعة طبية عند قدماء المصريين , ويعود تاريخها إلي القرن السادس عشر قبل الميلاد , حيث يتفق وصف علاج الأعراض الهستيرية مع بردية (كاهون) السابق , وقد سميت هذه البردية أو الموسوعة بردية إبروس(Ebbers) نسبة إلي العالم الألماني الذي اكتشفها , غير أن استعمال لفظ هستيريا لم يستعمل إلا في كتابات (أبوقراط) اليوناني, فقد أوضحت المخطوطات اليونانية علاقة الهستيريا بالحرمان الجنسي والتغيرات العضوية التي تحدث في الرحم , وانتقاله داخل الجسم بحثاً عن الإشباع الجنسي , وكان العلاج عند قدماء اليونان , كما هو عند قدماء المصريين يتم بمحاولة إرجاع الرحم إلي مكانه الأصلي بواسطة الروائح أو المواد المعطرة والنفاذة .
الهستيريا اضطراب نفسي له أعراضه النفسية والجسمية حيث يكون المريض في حالة من شبه الوعي , والهلوسات , والانفجارات الانفعالية من البكاء أو الصراخ والتي غالباً ما تكون في حضور الآخرين , حيث تأخذ العوامل النفسية شكل عضوي تحويلي , وتتمثل الهستيريا التحويلية أو التحولية في عدم قدرة أحد أعضاء الجسم أو حواسه القيام بوظائفه لكنه من الناحية العضوية يعد سليماً , كالطالب الذي لم يستعد للامتحان تجده لا يستطيع السيطرة على أداة الكتابة أو مسك القلم , والجندي الذي يقع في ساحة المعركة لوجود ألم في قدميه ليبرر عدم اشتراكه في الحرب في حين أن أعضاءه سليمة .
ويعرف أحمد عكاشة (2003) الهستيريا على أنها "مرض عصابي أولي يتميز بظهور علامات وأعراض مرضية بطريقة لاشعورية , ويكون الدافع في هذه الحالة الحصول على منفعة خاصة , أو جلب الاهتمام , أو الهروب من موقف خطير , أو تركيز الاهتمام على الفرد , كحماية للفرد من الإجهاد الشديد , وعادة ما يظهر هذا المرض في الشخصية الهستيرية التي تتميز بعدم النضج الانفعالي مع القابلية للإيحاء , ولا يعني ذلك أنها لا تظهر في الشخصيات الأخرى , بل وجد من خلال التجارب الإكلينيكية , أن كل فرد مهيأ للأعراض الهستيرية تحت الإجهاد والشدة , ولكن تختلف عينة الفرد حسب استعداده الخاص , وحسب شدة الموقف" .
أنواع الهستيريا :
تنقسم الهستيريا إلي نوعين هما :
1- الهستيريا التحولية (التحويلية) :
ويقصد بها تحويل جسمي لبعض الأمور الانفعالية أو النفسية ويلجأ مريض الهستيريا في هذا النوع إلي إحدى الحيل اللاشعورية وهي حيلة (التحويل) ويتحول الصراع النفسي والقلق في هذا النوع بعد كبتها إلي عرض عضوي أو جسمي.
2- الهستيريا التفككية :ويقصد بها تفكك الشخصية واضطراب وظائفها , ويقوم المريض ببعض التصرفات الغريبة , وقد نجده يفقد الذاكرة للهروب من مواقف معينة أو من بيئة معينة ، كما أنه يقوم بعملية التجوال الليلي أو المشي أثناء النوم دون أن يدري وذلك لتحقيق هدف معين أو غاية معينة , وعندما يستيقظ من النوم لا يتذكر شيئاً حدث (محمود منسي وآخرون , ب. ت)
التصنيف الإكلينيكي للأعراض الهستيرية :لا توجد كل أعراض الهستيريا مجتمعة في مريض واحد - ومعظم أعراض الهستيريا يكون تقليداً للأعراض العضوية وقد تنتقل أعراض الهستيريا بطريق الإيحاء والتقليد من شخص آخر بينه وبين المريض ارتباط عاطفي .
وتستجيب الشخصية الهستيرية أو أحياناً الفرد السوي للشدائد والإجهاد , والقلق بالأعراض الهستيرية التي يمكننا تصنيفها وفقاً لما عرضه أحمد عكاشة (2003) ، وأحمد الزعبي (2006) إلي :
الأعراض جسمية وتشمل :
(أ) الأعراض الحركية :
1- اللازمات العصبية Tics :هي حركات عضلية فجائية لا إرادية منتظمة , تتكرر بغض النظر عن وجود مثيرات طبيعية تسببها وتزيد في المواقف الحرجة , ومن الأمثلة على ذلك ارتجاف عضلات الوجه , أو ارتعاش أجفان العيون , أو حركة الرقبة أو الرأس فجأة إلي الجانب , أو المبالغة في حركة اليدين , واللعب بالشارب , وهز الكتف , وقد تظهر هذه الحركات في البداية وكأنها تخدم أغراضاً اجتماعية كالسعال , والضحك المبالغ فيه أثناء الحديث .
2- الشللParalysis :وهو من أكثر الأعراض الحركية الهستيرية انتشاراً , حيث تظهر عادة في الشلل أحد الأطراف , أو شلل نصفي في الذراع والساق , أو شلل في الساقين , وأحياناً شلل في حالة ارتخاء شديد , ويصبح المريض غير قادر على الحركة , ويحتاج إلي عناية طبية .
3- اللقمة العصبية (صعوبة البلع) Globous Hysteria :وتكون بعدم قدرة المريض على البلع إلا بصعوبة بالغة بالرغم من انتفاء أية أسباب عضوية في الحلق أو البلعوم تعيق ذلك , ومثال ذلك حالة امرأة شابة كانت تجد صعوبة كبيرة عند بلع الطعام مما دعا زوجها إلي مراجعة الطبيب , وتبين أن المريضة وزوجها كانا على علاقة طيبة , وكان زوجها طبيباً , وتشعر بالمتعة عندما تقوم بتلبية حاجاته في بلد الاغتراب , ولكن الوضع قد تغير حين حضرت والدة الزوج في زيارة لابنها لتقيم معهم لفترة غير محدودة , حيث أصبحت الزوجة المريضة تقوم بخدمة عمتها المسيطرة , والتي أصبحت تتحكم في أمور المنزل , ولما حاولت الزوجة أن تشكو هذا الأمر لزوجها , كان جوابه أنه لا يريد أن يسمع منها ذلك مرة أخرى , إنها والدته ولا تريد لهم إلا الخير وبعد أسابيع قليلة ظهر عند الزوجة صعوبة في البلع , وقد اتضح معني اضطراب المريضة خلال العلاج , حيث بدأت تكشف عن علاقتها بأم زوجها , واعترفت بأنه قد أعياها احتمال تصرفاتها , وقد خفت الأعراض حين قررت أم الزوج العودة إلي بلدها .
4- فقدان الصوت Aphonia :ويتجلي ذلك في عدم قدرة المريض على إصدار الصوت إلا همساً , وفقدان الصوت الهستيرى يختلف عن الحالات العضوية , فعند سؤال المريض أن يسعل ويصدر من خلال ذلك صوتاً , فإننا نستنتج أن الحالة هستيرية , ويمكن أن يحدث مثل هذه هذا العرض عندما يواجه الفرد بموقف يتطلب منه الاعتراف بأخطاء يصعب معها مواجهة الحقيقة .
(ب) الآلام الهستيرية Hysterical Pains :وهي كثيرة الانتشار , إذ كثيراً ما تشخص بطريقة خاطئة , ويستمر المريض في التردد على الأطباء , ويعالج من صداع نصفي , أو التهاب في المعدة , أو مرض في البروستات , أو روماتيزم … الخ , ولكن السبب الرئيسي يكون هستيرياً , حيث يحقق المريض من وراء مثل هذه الأمراض جذب الاهتمام والحنان , ومثل هذه الآلام الهستيرية تنتشر كثيراً عند الزوجات التعيسات في حياتهن الزوجية , أو عند الرجال الذين يواجهون مشاكل مع رؤسائهم في العمل أو مع الزملاء , أو مع الطلبة الفاشلين دراسياً ليكون عندهم المبرر الكافي لمواجهة لوم الأسرة والأصدقاء عند الرسوب …. الخ .
1- العمى الهستيرى :يحدث العمى الهستيرى فجأة بعد صدمة انفعالية شديدة , حيث يرغب الفرد لاشعورياً في عدم رؤية ما لا يستطيع تحمل رؤيته , كالفتاة التي فقدت إبصارها بعد رؤيتها لزوجها في ليلة زفافها في وضع مخز مع شقيقتها , حيث فقدت الذاكرة لهذه الحادثة وأصابها العمى , واستمرت في حياتها الزوجية , وعند علاجها وتذكرها للحادثة ووضوح الرؤية أمامها , واجهت الواقع وطالبت بالطلاق , وذلك بعد أربعة عشر شهراً من الزواج .
2- الصمم الهستيرى Hysterical Deafness :وفيه نجد المريض يفقد فجأة القدرة على السمع دون أن يكون هناك سبب عضوي لهذا الصمم , حيث يرغب المريض لاشعورياً عدم السماع لحادث أو خبرة مؤلمة مؤذية , ومثال ذلك الزوجة التي كانت تسمع زوجها يداوم على المكالمات الهاتفية مع السيدات , ويغازلهن علناً أمام زوجته , فقد وجدت الزوجة نفسها فجأة مصابة بالصمم , وقد عولجت عند العديد من الأطباء لفترة طويلة قبل اكتشاف السبب الرئيسي لمرضها ورغبتها اللاشعورية في عدم سماع زوجها وهو يتحدث مع السيدات في الهاتف .
3- فقدان الإحساسAnaesthesia :وفيه لا يستطيع الفرد الشعور بأي ألم عند وخزه بآلة مدببة , أو عند تعرضه للحرارة إذا يفقد الإحساس في مناطق معينة من الجسم , أو في كل الجسم , وقد يصاحب فقد الإحساس في الجزء المصاب شللاً هستيرياً .
4- النوبات الهستيريةHysterical fits :تكثر النوبات الهستيرية عند الشخصيات الهستيرية , حيث تتراوح شدتها من إغماءة بسيطة , إلي تهيج عصبي مع تحطيم كل ما هو أمام المريض, ومن الصعب أحياناً تمييز مثل هذه النوبات عن النوبات الصرعية خاصة وأن العلاج في كلتا الحالتين مختلف تماماً ,
.